مرت علينا قبل ايام الذكرى السنوية العاشرة لتشكيل هيأة تشغيل الرميلة.
منذ تولي الهيأة لادارة وتطوير اكبر حقول النفط المنتجة في العراق وبشكل آمن في عام 2010، ارتفع معدل انتاج حقل الرميلة بنسبة 40%، وتجاوز مقدار الانتاج التراكمي منذ ذلك الحين 4.9 مليار برميل من النفط.
وهو نجاح يعود الفضل فيه بالدرجة الاولى للتعاون التام بين شركة نفط البصرة وشركتي بي بي وبتروتشاينا وقواهم العاملة في الرميلة والبالغ عددها 7000 فرد – 94% منهم عراقيون.
وبهذه المناسبة، تحدث وكيل المدير العام لشركة نفط البصرة السيد باسم عبد الكريم قائلاً: “لقد اثبتت شراكة هيأة تشغيل الرميلة بانها قصة نجاح. فهي تحترم التزامها بتطوير الحقل وبناء قدرات القوى العاملة وزيادة مستوى الانتاج. اتقدم بالشكر لكل من أسهم بذلك، وبالاخص موظفي شركة نفط البصرة لما بذلوه من جهود من خلال اندماج العمل بينهم وبين الخبراء العاملين من المشغل الرئيسي.”
وتتألف إدارة هيأة تشغيل الرميلة من الشراكة بين شركة نفط البصرة وشركة بي بي وشركة بتروتشاينا الصينية بالإضافة الى شركة تسويق النفط العراقية (سومو). لقد عمل هؤلاء الاطراف دون كلل لتحديث الحقل. حيث تم حفر 380 بئراً جديداً وادخال تقنيات جديدة واقامة “حقل رقمي”، بالاضافة الى تقديم اكثر من 3 ملايين ساعة تدريبية واحالة عقود بقيمة اجمالية تبلغ 5.8 مليار دولار امريكي لشركات عراقية.
من جانبه، علق نائب مدير الهيأة السيد حسين عبد الكاظم حسين قائلاً: ” لقد تطورت الرميلة بفضل ثقافة الاحترام المتبادل التي ابداها افراد وفرق اطراف الشراكة تجاه بعضهم البعض. وما نجاحها إلا شهادة حية على عِظَم ما يمكن ان يتحقق حينما يتوحّد الجميع من اجل تحقيق هدف مشترك.”
تواصل الرميلة العمل رغم التحديات التي شكلتها جائحة فايروس كورونا المستجد، حيث تنتج حوالي 1.480 مليون برميل باليوم (معدل انتاج الفصل الاول لعام 2020) مما يُسهم في توفير الموارد المالية التي يحتاجها العراق وشعبه.
مسيرة مشتركة
قبل عشر سنوات، كان الحقل بحاجة الى الكثير من المداخلات الداعمة وضمن تهديدات واقعية كانخفاض مستوى الضغوط المكمنية، وتقادم البنى التحتية والمعدات. كما كانت هناك فرص متاحة لتحسين طرق العمل في جوانب السلامة والكفاءة وتطوير القدرات.
تطلب تحسين جانب السلامة ، باعتبار أن السلامة لها الاولوية الاولى (اهم حتى من الانتاج) ، تقديم التدريب وادخال اساليب العمل الجديدة والمعدات والانظمة واجراءات التحقق والرقابة للتأكد من تحمّل كل فرد المسؤولية عن سلامته وسلامة زملائه الآخرين.
وبالاستفادة من التقنيات الحصرية المتقدمة لشركة بي بي، حصلت هيأة تشغيل الرميلة على فهم شامل ومعمّق عن مكامن الحقل. حيث اسهم ذلك بتوجيه عملية اتخاذ القرار حول افضل المواقع لحفر الآبار الجديدة، والمعايير العالمية لادارة المكامن من اجل تعظيم كل من معدلات انتاج الآبار واستخراج النفط من المكامن. ويتم الآن مراقبة المئات من آبار الرميلة ومعدات ومنشآت الانتاج بشكل رقمي لحظة بلحظة وعلى مدار اليوم، وهو امرٌ يسهم باتخاذ المداخلات السريعة موقعياً ومن مكاتب الفرق في مقر الهيأة عند حدوث اية مشاكل.
خضعت العديد من المواقع والمنشآت الحقلية للتجديد والتحديث وتم تشييد اخرى جديدة بالكامل، فيما ساعد احد اكبر برامج حقن الماء في العالم برفع مستوى الانتاج من المكامن ذات الضغط المكمني المنخفض او تلك التي اخذ فيها الضغط المكمني بالانخفاض. بشكل اجمالي، تقوم الهيأة الآن بحقن 1.45 مليون برميل ماء باليوم، مرتفعاً من 57,000 برميل باليوم قبل عشر اعوام. وتواصل الرميلة التقدم في ستراتيجيتها البيئية حيث تم التخلص من العديد من شعلات حرق الغاز خلال العشرة اعوام الماضية. وتعمل هيأة تشغيل الرميلة مع الشركاء من اجل تحقيق المزيد من التحسينات على نوعية الهواء وتقليل مستوى انبعاثات الكاربون في المستقبل.
يحصل افراد شركة نفط البصرة والمتعاقدون المحليون على الدعم من افراد شركة بي بي وشركة بتروتشاينا الذين يشاطرون خبراتهم ومهاراتهم العالمية مع زملائهم العراقيين. وبشكل مشترك، يعمل الافراد جميعاً طبقاً لاساليب العمل المعتمدة عالمياً ويتم تنفيذها بشكل ممنهج وكفوء وآمن.
وفي هذا السياق، تحدث النائب الثاني الخاص لمدير الرميلة السيد فان جيانبنك قائلاً: “الرميلة اليوم حقل اكثر تقدماً. وتم اكتساب وتشارك الكثير من المعرفة والخبرة. وتغير الكثير في ما يخص طريقة العمل في الرميلة، وهو انجاز تحقق بفضل العزيمة والهمَّة العالية التي يتحلى بها جميع العاملين.”
تلعب صناعة النفط والغاز المحلية في العراق هي الاخرى دوراً بارزاً في مسألة تطوير الحقل، حيث تقدم الشركات العراقية عدداً متنوعاً من الخدمات والدعم. فمنذ عام 2010، تم احالة عقود بقيمة اجمالية تبلغ 5.8 مليار دولار امريكي الى 185 شركة عراقية موزعة على 630 عقداً مختلفاً. وسجل حجم العقود المحالة لشركات عراقية في عام 2019 ارتفاعاً بخمسة اضعاف مقارنة بمثيله في عام 2010. كما تم خلال السنوات العشر المنصرمة خلق عشرات الآلاف من فرص العمل المتنوعة للعراقيين سواء ضمن الاختصاصات الفنية المتقدمة او الاختصاصات غير الفنية.
عمدت هيأة تشغيل الرميلة لتسهيل هذا الارتفاع من خلال التركيز المستمر على تطوير قدرات وكفاءات الشركات العراقية والقوى العاملة العراقية لمواكبة المعايير والمتطلبات العالمية.
ارساء الاسس من اجل المستقبل
ومما هو ابعد من انتاج النفط، تسهم هيأة تشغيل الرميلة في جهود التطوير على المستويين المحلي والوطني. حيث يقوم صندوق الرميلة للتعليم بتعزيز المهارات الضرورية لتطوير صناعة النفط والغاز في العراق من خلال توفير التكنولوجيا والزمالات الدراسية وفرص التدريب. فيما يقدم صندوق الرميلة للمنافع المجتمعية الدعم للمجتمعات المحلية التي انتفعت من تشييد عيادات صحية جديدة ومشروع لايصال ماء الاسالة للبيوت وبرامج التدريب للسكان وانشاء طرق مواصلات جديدة. و تستهدف تلك المبادرات المجتمعات التي تكون في الغالب نائية وتعاني من معدلات بطالة عالية ومرافق خدمية محدودة.
واختتم مدير الهيأة من شركة بي بي السيد أورهان كولييف بالقول: “ان هذه الذكرى هي فرصة جيدة لمراجعة وتأمل تلك المسيرة المتميزة وكل شيء تحقق خلال تلك الاعوام العشر الماضية وهي فرصة ايضاً لتعلم الدروس المستقاة من اجل صنع مستقبل افضل. وابتداءً من ارساء الاسس لرميلة جديدة مروراً بغرس وترسيخ علاقات وروابط جديدة وصولاً الى التغلب معاً على التحديات وتحوُّلِنا الى مؤسسة نفطية آمنة واكثر كفاءة – فان من حق كل من يرتبط بالرميلة ان يشعر بالفخر بكل ما تحقق بفضل هذه الشراكة.”